الأحد، 4 يوليو 2010

لحظة ضعف


ما كاد ذاك الشاب الوقور ينتهى من صلاة الوتر حتى رن هاتفه المحمول برنة تعكس مدى تدينه فأمسك بالهاتف دون ان ينظر الى الشاشة وقال في رصانة: السلام عليكم ولرحمة الله.اتاه من الطرف الاخر صوت مفعم بالانوثة يقول: شيخ وليد ازيك. ابتلع ريقه بصعوبة و تسللت قطيرات من عرق على وجهه الملتحى و حاول ان يرد بنفس الهدوء ان يرد ولكن الكلمات خانته، فقاطعه الصوت: ما تستغرب انا واحدة زميلتك فى المكتب وكنت عايزاك في موضوع ضروري جدا بكرة.ممكن تستنانى بعد الدوام وما تطلع، ماشى؟
لم تتلقى ردا منه بل سمعت تمتمة تدل على قلة خبرة ذاك الشاب فى التعامل مع الفتيات ، فأطلقت ضحكة صغيرة واغلقت الخط.لوهلة لم يحرك ساكنا ثم لم يلبث ان نفض راسه محاةلا نزع ذاك الصوت عنه ولكن هيهات.
كم حاول ان يزيل ذاك الصوت عن راسه دون جدوى.كان ذاك الصوت المفعم بالانوثة قد التصق بتلافيف مخه ،حتى فى منامه لم يفارقه الصوت
و لاول مرة في حيلته يصلى الفجر وهو شارد بذهنه وصدى ضحكة تلك الفتاة يرن فى اذنيه ،من تكون يا ترى وماذا تريد؟و ما يجمعه بها و اخيرا قال محاولا تجاهل الامر: الهم اجعله خير.
تواصل التوهان فى المكتب وحتى الظهر صلاه بعقل غائب حاول كل زملائه معرفة ما يؤرقه بينما راح هو يسترق النظر الى زميلاته عله يجد صاحبة الصوت ولكن دون جدوى. واخيرا اقترب موعد نهاية الدوام وراح قلبه ينبض بسرعة وتنازعته الافكار هل ينتظر ام يغادر ماذا يفعل و كيف.......، وبينما هو غارق فى افكاره اقتحم انفه عطر انثوى نفاذ تبعه نفس الصوت يقول بدلال طاغى: ما اتوقعت القاك قاعد. ووقعت عيناه عليها ، لم تكن زميلته كما زعمت بل كانت اية من الجمال الصارخ، حاول ان يبعد ناظريه عنها ولكنها جذبته بعينيها الناعستين
، حاول ان يستنجد باحد ما ولكن المكتب كان خال تماما الا منه هو وهى و... .
خمس دقائق بالظبط قضتها الفتاة غادرت بعدها الى الخارج تاركة اياه غائص فى بحر من الذهول وفى اذنه تتردد عبارة جديدة: مستنياك فى عربيتى برة تقطع الشارع تلقى برادو بيضاء،ومررت يدها على لحيته وقالت: اوعى تتاخر.لحظات طويلة قضاها وهو صراع عنيف بين نفسه المتدينة وبين الشيطان الذى هزمه مرات ومرات ولكن هذه المرة تشكل له فى صورة انسان ويبدو انه فى طريقه لتسجيل اول هزيمة له.
و بخطوات متثاقلة خرج من المكتب وتوجه نحو بوابة الشركة و هناك نظر اليها فى الجانب الاخر من الطريق الاسفلتى ابتسمت له مشجعة ، تقدم كالثمل دون ان يلقى بالا لاشارة المرور،سار حتى منتصف الطريق وما زالت التنازعات مستمرة، وفجاة تغير كل شئ فقد عبر اذنه صوت الفه منذ امد انه الاذان لصلاة العصر وهنا توقف تماما وراحت دموعه الغزيرة تبلل لحيته الكثة وهو يتمتم: استغفر الله العظيم ، استغفر الله العظيم .
و استدار عائدا الى المكتب ومنه الى المسجد وما ان رفع راسه حتى ارتطت به سيارة بعنف كان صاحبها ينظر الى تلك الفتاه،طار جسده عاليا،سقطعلى الارض فى عنف لتغيم الدنيا امام عينيه وهو يتمتم:
اشهد ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله......

شباب بلا اذان


عادة صارت لدى العديد من ابناء جياى ان يقوم احدهم بوضع سماعة للاذن بمختلف الاشكال والالوان ولا يسمع منها الا صوت دل دل دددللل دل, بينما هو غائب فى ملكوت الله , وبما فيهم كاتب هذه السطور.........
انطلق الحاج عبد السلام بسيالاته البوكس يسابق الريح لاستقبال ابنه البكر محمد العئد من الجامعة بعد فصل دراسي مضن و شهور ست قضاها الابن بعيدا عن احضان الاسرة والمدينة .و ما هى الا لحظات حتى كان الحاج يدخل فىعناق حميم مع ابنه ولفت نظر الحاج تلك السماعة المغروسة فى اذن ابنه و لكنه اثر الصمت.
و فى الطريق وبدافع الشوق واللهفة شرع الحاج يزود ابنه باخبار المدينة و جديدها و الابن يهز راسه ايجابا ويواصل الحاج ظنا منه ان ابنه يتجاوب معه دون ان يعلم المسكين ان ابنه لا يهز راسه الا تجاوبا مع الاغانى التى تدوى اذنيه الا ان قال الحاج :طبعا عمك عبد الله عقد لولده عشان فتضل ليه سمستر و اجازته طويلة و من يومه خايف على ولده من بنات الجامعة,و هسي امك حالفة ترجعك الجامعة خاطب واحدة من بنات عمك، رايك شنو؟
لم يتلقي الحاج ردا فكرر السؤال مرات ومرات حتى ثار صارخا: يا ولد انا ما بنضم معاك؟ احس الابن بتوتر الاجواء فنزع عن اذنيه السماعة وقال: انت بتتكلم معاى يا حاج؟
-لا جنيت وبهلوس براى ، طبعا بنضم معاك. و اعاد السؤال ليرد الابن ببرود: الشايفنه داك اعملو.و اعاد السماعة الى موضعها وما هى الا دقائق حتى قال الحاج: اجزتك طويلة ولا قصيرة؟ لم يتلق الحاج ردا من ابنه التفت اليه فوجده يتمايل مع اغانيه، فقال وهو يضغط دواسة الوقود بغضب : الطرش اليقدد اضنينك.

الاثنين، 28 يونيو 2010

بنت الخطيئة


جلست تلك الطفلة ذات الاعوام الثلاثة وحيدة تبحلق في من حولها علها تجد وجها مالوفا بعد ان تركها والدها هامسا:
ساعود بعد قليل يا حلوتى
ولكنه لم يعد
لحظات طويلة و الطفلة تنظر الي رواد ذاك المركز التجاري الضخم وطال انتظارها دون ان تعلم تلك البريئة ان ما يحدث كان مخططا من والدها للتخلص منها نعم فهى كما يقولون ابنة خطيئة.وهنا تبدا قصتنا عند الخطيئة فقد بدئ الامر عند تلك العلاقة الاثمة التى جمعت بين والدها ووالدتها الطالبة الجامعية ودون ان تدرى والدتها كانت هى تنمو في احشائها رويدا رويدا حتى انكشف الامر ولاك الناس سيرة ابنة الحاج سيد التى حملت من علاقة غير شرعية و مما زاد الامر تعقيدا ان الحمل وصل الي مرحلة صار الاجهاض فيها خطرا علي الام والجنين. وصار الكل فى انتظار اليوم الموعود وقد جاء ثقيلا كالجبال لتصرخ الطفلة صرختها الاولى تلك الصرخة التى احس بها الحاج سيد كخنجر مسموم استقر في صدره ,فما كان منه الا ان توجه الى غرفة ابنته وامسك شعرها بقسوة قائلا والشرر يتطاير من عينيه:الكلب ابن الكلب دا بتلقى وين.
و ما ان سمع الرد منها حتى انطلق مسرعا الى سيارته وسط توسلات زوجته التى بسببها انتظر كل هذه المدة دون ان يقدم علي اي خطوة متهورة ولكن الان بلغ السيل الذبى ومد يده الى درج سيارته ليخرج منه مسدسه وانطلق الى العنوان وما ان وصله حتى اندفع الى مكتب الشاب منقضا عليه كالاسد لجريح و بعنف وضع المسدس على ضدغ الشاب قائلا: والله العظيم يا تعلن زواجك على البت دى ولا افرغ فيك الخزنة دى كلها.
و قد كان.
عاش ذاك الشاب زوجا لابنة الحاج سيد زمانا ولكن ذاك لم يمسح تلك الوصمة التى التصقت بتلك الصغيرة طوال حياتها دون ان يكون لها دخل في الامر ولكن كيف سينظر هذا المجتمع القاسي الى تلك الطفاة بعد ان تكبر . دارت كل تلك الافكار فى راس والدها فقرر ان يصطحبها الى ذاك المجمع التجارى يتركها بداخله وليحدث ما يحدث. وهذا ما جري.
تلفتت الفتاة بحثا عن والدها احست بالوحشة فسالت دمعة خوف من عينيها وتمتمت بالكلمة الوحيدة التى تعرفها: بابا.
رددتها مرارا وتكرارا لم يعرها اي احد اهتمامه فتوالت دموعها حتى اغرقت عينيها الى ان اقترب منها ذاك الشرطى و قال بهدوء:
:مالك؟ انهمرت الدموع اكثر غذارة فحملها بكل حنان وهو يتمتم: دا شنو الاهل المهملين ديل . وما ان استدار متوجها نحو مكتب الامن حتى امسكت به يد بقوة: التفت فوجده شيخ وقور طاعن في السن قال بهدوء: انا الحاج سيد ودى بت بتى خليتها هنا ومشيت الحمام. تردد الشرطى في بادئ الامر ولكن ابتسامة الطفلة وهى تمد ذراعيها الصغيرتين نحو الرجل شجعتاه امسك بها الرجل و قال وهو يبتعد: و يمسح بيديه دموع الطفلة: الضفر ما بطلع من اللحم...